Sunday, April 21, 2013

تحت الأمطار


تقريباً حاجتين بس في حياتي بيدخلوا على قلبي السعاده كأني طفل صغير. سعاده غير مبرره ومالهاش أي سبب بتدهم قلبي فجأه كده وتخليني طاير على إرتفاع قريب من الأرض. ماعرفش ليه ديماً الإرتفاع بيكون أفضل وسيله للتعبير عن شعور كويس؛ الأشخاص الهوائيين مثلاً بيفضلوا يستخدموا الوصف ده للتعبير عن الحاله العقليه اللي بيوصلولها بعد جلسه مُركزّه.

المطر من الحاجتين دول. بمجرد ما أسمع صوت الرعد ورخات المطر من شباك أوضة الجلوس اللي مفتوح طول الوقت -بغض النظر عن درجة الحراره- قلبي بيرقص فرحاً وأبدأ في طقوسي المحببه مع المطر. بكل بساطه بلبس أي جاكت عشان الشتا ما يبلّش هدومي لإني أكسل من إني أغيّر بعد ما أدخل من البلكونه؛ ومعايا علبة سجايري وأحياناً كباية نسكافيه أو أي حاجه تحتوي على الكفايين -صديق النيكوتين المفضل-.

عادةً الحاجات اللي بتحبّها بتأثر فيك وبتدّيك دروس مُفاجِئه؛ وغريبه. سواءاً شئت أم أبيت؛ وسواءاً فهمت أو بلّمت؛ طول ما إنت عايش هتفضل تتعلم. حتى لو ما كنتش بتعمل أي حاجه في حياتك على الإطلاق؛ برضو هتتعلم وتعرف أكتر. وكل الزيادات اللي بتطرأ على دواير معلوماتك ومعارفك هتثقل كاهلك وتزوّد الحمل عليك حتى لو ما أخدتش بالك.

وإنت واقف في البلكونه مع كل مره الدنيا بتشتي فيها؛ هتاخد بالك من ربة المنزل في العماره اللي قدامك؛ اللي عمرها ما فكّرت في إختراع المشمع وبتطلع مع كل شتوايه تلم الغسيل المنشور بسرعه؛ وفي نفس الوقت بتبصلك النظره اللي أي شخص عدّي الـ 40 بينظرها لمراهق فاكره طالع البلكونه يشرب سجاير عشان ماحدش في البيت يشوفه وعشان شرب السجاير في الحمام بقى ماين ستريم فشخ. الأحكام المسبقه ديماً بتعمي الناس عن حقايق عمرهم ما هيشوفوها بـ تَسَرُّعهُم؛ زي إني ممكن أكون عايش لوحدي؛ وإن أبويا لما سألني إنت بتشرب سجاير قولتله "أيوه عادي أنا بحب إحساس الدخان في صدري"؛ وإني فاهم إن الست دي مجرد نسمه من مليارات على الأرض عاشوا حياتهم وهيموتوا في دايرة الحياه التقليديه المجتمعيه والمنظومه المبجله اللي بتخليها تصحى من النوم بدري تحضر الأكل قبل ما جوزها يرجع من شغله هلكان وتغسل الغسيل وتنشره وبعدها تقعد تذاكر للعيال اللي جابوهم عشان العزوه وعشان حكم العاده؛ وفي الآخر ينجحوا ويتخرجوا وإلخ إلخ إلى آخر القصه الممله الرتيبه المكرره اللي دايرتها مش بتتفتح.

هتشوف برضو جارك اللي بيطلع يقف في البلكونه في أوقات محدده من اليوم؛ ويسحب علبة السجاير والكبريت اللي مخبيهم في غطا المكيف الخارجي اللي في البلكونه بسرعه قبل ما حد ياخد باله؛ لإنه غالباً بيشرب سجاير من ورا مراته. قصه تانيه لإنسان تاني عاش حكايه مختلفه ماعرفش عنها تفاصيل كتير؛ بس ما أعتقدش هتوقع كتير من راجل بعد أكتر من 50 سنه قضاهم على الأرض؛ ولسه عنده حاجه يخاف منها. أكيد مشوار حياته مش هيكون أقل رتابه من الخمس دقايق اللي بيحرق فيهم السيجاره ويرميها بسرعه كأنها تهمه عشان يخبي العلبه والكبريت في مكانهم ويطلع زجاجة كولونيا صغيره يرش بيها على وشه وينفخ في الهوا.

وعمرك ما هتفهم بواب العماره اللي قدامك؛ اللي بيحدّف القطط بالطوب من غير أدنى سبب واضح.


مش هتفهم طول ما إنت ما تعرفش القصه؛ وحتى لو عرفت القصه مش شرط تفهم. المعلومات مش شرط تساعدك؛ وكل ما تعرف أكتر مش شرط تفهم. بس غالباً هتتعلم مع الوقت -إن عاجلاً أم آجلاً-؛ إن المنطق مش شرط أساسي والمعنى مش بالضروره موجود والحقيقه مش واجب تكون مؤكده؛ وإن اللي أنا بقوله مش مهم. الضبابيه تحكم.

No comments:

Post a Comment