من أين أبدأ تدوينتي؟ .. البدايات متداخلةٌ ومحتشدةٌ برأسي. ولعل البدايات كما كان أستاذي القديم سوريانوس يقول؛ ما هي إلّا" محضُ أوهامٍ نعتقدها. فالبداية والنهايه؛ إنما تكونان فقط في الخط المستقيم. ولا خطوط مستقيمه إلّا في أوهامنا, أو في الوريقات التي نسطر فيها ما نتوهَّمه. أما في الحياة وفي الكون كله؛ فكُّل شئٍ دائريٌ يعود إلى ما منه بدأ, ويتداخلُ مع ما به إتصل. فليس ثمة بدايةٌ ولا نهايةٌ على الحقيقة, وما ثمَّ إلّا التوالي الذي لا ينقطع, فلا ينقطع في الكون الإتصالُ, ولا ينفصم التداخلُ, ولا يكفُّ التفريعُ, ولا المِلأُ ولا التفريغُ.. الأمرُ الواحد يتوالى إتصاله, فتتسع دائرته لتتداخل مع الأمر الآخر, وتتفرَّع عنهما دائرةٌ جديدةٌ تتداخل بدورها مع بقية الدوائر. فتمتلئُ الحياةُ بأن تكتمل دائرتها؛ فتفرغ عند إنتهائها بالموت؛ لنعود إلى ما منه إبتدأنا. آهٍ لحيرتي؛ ما هذا الذي أكتبه؟ إن الدوائر كلها تدور برأسي, فلا توقفها إلّا لحظات النوم, حيث تدور أحلامي. وفي الأحلام, مثلما هو الحال في صحوي؛ تحتشد بقلبي الذكرياتُ وتعتصرني.. الذكرياتُ دوَّاماتٌ متتاليةُ الدوائر, ومتداخله. فإن أستسلم لها وأحكيها بقلمي؛ فمن أين أبدأ؟
الراهب هيبا-
تحريراً في سبتمبر من عام 431 مـ
No comments:
Post a Comment